موضوع النذور
النَّذْر هو : أن توجب على نفسك ما ليس بواجب لحدوث أمر.
قال تعالي :
( إني نذرت للرحمن صوما )
مريم 26
فالنذر هو إيجاب المكلف على نفسه شيئا لم يكن عليه ، سواء كان منجّزا أو معلقا .
الاصل في النذر هو النهي عنه..
عن أَبِي هُرَيْرَةَ،رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:
" لاَ يَأْتِي ابْنَ آدَمَ النَّذْرُ بِشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ قُدِّرَ لَهُ، وَلكِنْ يُلْقِيهِ النَّذْرُ إِلَى الْقَدَرِ قَدْ قُدِّرَ لَهُ،
فَيَسْتَخْرِجُ اللهُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ، فَيُؤْتِي عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ يُؤْتِي عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ ".
أخرجه البخاري.
حديث ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: نَهى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ النَّذْرِ، قَالَ:
إِنَّهُ لاَ يَرُدُّ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيل
أخرجه البخاري.
ولكن إذا تم النذر فيجب الوفاء به...
لقوله تعالى
( ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم )
الحج : 29
قال الإمام الشوكاني : والأمر للوجوب
حديث ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رضي الله عنه، اسْتَفْتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:
إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرٌ،
فَقَالَ: اقْضِهِ عَنْهَا
أخرجه البخاري.
أولا :
النذر يجب ان يكون طاعة لله وليس نذر في معصية
أو مشقة لا يتحملها الناذر
حديث أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى شَيْخًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ، قَالَ:
مَا بَالُ هذَا قَالُوا: نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ؛ قَالَ: إِنَّ اللهَ عَنْ تَعْذِيبِ هذَا نَفْسَهُ لَغَنِيٌّ وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ .
أخرجه البخاري.
حديث عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَمْشِيَ إِلَى بَيْتِ اللهِ،
وَأَمَرَتْنِي أَنْ أَسْتَفْتِيَ لَهَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَفْتَيْتُهُ
فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: لِتَمْشِ وَلْتَرْكَبْ .أخرجه البخاري.
وأفضل النذور هي التي تكون في طاعة الله من الصلاة والصيام والزكاة والحج والعمرة ومما افترض عليهم فسماهم الله أبرارا.
قال تعالي :
إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا ﴿٥﴾
عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ﴿٦﴾
يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ﴿٧﴾
سورة الإنسان
فجعل - تبارك وتعالى - خوفهم من أهوال يوم القيامة ووفاءهم بنذورهم من أسباب نجاتهم ودخولهم الجنة .
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
" من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصيه "
رواه البخاري .
ولو نذر المرءُ نذراً فيه طاعة ثمّ طرأ من الظروف ما أعاقه عن الاقتدار على الوفاء بنذره ،
كأن نذرَ أن يصوم شهرا ، أو يحج أو يعتمر ولكنّ مرضا أصابه ، فمنعه القدرة على الصوم أو الحج أو
الاعتمار أو يكون قد نذر صدقة ولكنه افتقر بما يحول بينه وبين إنفاذ ما نذر
فإنه والحالة هذه ينتقل إلى
التكفير عن نذره بكفارة يمين
كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
من نذر نذرا لا يطيقه فكفارته كفارة اليمين.
رواه أبوداود وقال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام : إسناده صحيح.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى:
فإذا قصد الإنسان أن ينذر لله طاعة ، فعليه الوفاء به ،
لكن إذا لم يوف بالنذر لله
فعليه كفارة يمين عند اكثر السلف
ثانيا :
نذر لا يجوز الوفاء به وفيه كفارة يمين .
ويشمل هذا النوع من النذر :
1- نذر المعصية : وهو كل نذر فيه معصية لله كأن ينذر زيتا أو شمعا أو نفقة لبعض القبور والمشاهد أو ينذر زيارة الأضرحة والمشاهد الشركية وهذا شبيه من بعض الوجوه بالنذر للأوثان ، وكذا لو نذر أن يفعل معصية من المعاصي كالزنا أو شرب الخمر أو السرقة أو أكل مال يتيم أو إنكار حق أحد أو أن يقطع رحمه فلا يصلّ قريبه الفلاني أو لا يدخل بيته دون مانع شرعيّ فإن هذا كله مما لا يجوز الوفاء به بحال ، بل عليه أن يكفّر عن نذره بكفارة يمين.
ودليل عدم جواز الوفاء بهذا النّوع من النّذور
حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه "
رواه البخاري
وعن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" لا وفاء لنذر في معصية "
2- كل نذر صادم نصا : فإذا نذر مسلم نذرا وتبين له أن نذره هذا يتعارض مع نص صحيح صريح فيه أمر أو فيه نهي لزمه التوقف عن الوفاء بالنذر ويكفر عنه بكفارة يمين.
ودليل ما رواه البخاري رحمه الله عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ نَذَرْتُ أَنْ أَصُومَ كُلَّ يَوْمِ ثَلاثَاءَ أَوْ أَرْبِعَاءَ مَا عِشْتُ فَوَافَقْتُ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ أَمَرَ اللَّهُ بِوَفَاءِ النَّذْرِ وَنُهِينَا أَنْ نَصُومَ يَوْمَ النَّحْرِ فَأَعَادَ عَلَيْهِ فَقَالَ مِثْلَهُ لا يَزِيدُ عَلَيْه . صحيح البخاري ورواه الإمام أحمد عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ وَهُوَ يَمْشِي بِمِنًى فَقَالَ نَذَرْتُ أَنْ أَصُومَ كُلَّ يَوْمِ ثُلاثَاءَ أَوْ أَرْبِعَاءَ فَوَافَقْتُ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ النَّحْرِ فَمَا تَرَى قَالَ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِوَفَاءِ النَّذْرِ وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَالَ نُهِينَا أَنْ نَصُومَ يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ فَظَنَّ الرَّجُلُ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ فَقَالَ إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَصُومَ كُلَّ يَوْمِ ثُلاثَاءَ أَوْ أَرْبِعَاءَ فَوَافَقْتُ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ أَمَرَ اللَّهُ بِوَفَاءِ النَّذْرِ وَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَالَ نُهِينَا أَنْ نَصُومَ يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ فَمَا زَادَهُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى أَسْنَدَ فِي الْجَبَلِ .
3- نذر لا حكم له سوى كفارة اليمين : وهناك نذور ليس فيها من أحكام تتعلق بها سوى التزام الناذر
بكفارة اليمين تكفيرا عن نذره ومنها: -
النذر المطلق (وهو نذر ما لم يُسمّ )
فلو نذر المسلم نذرا ولم يسم المنذور بل تركه مطلقا من غير تسمية
كأن يقول : عليَّ نذر إن شفى الله مرضي ولم يُسمّ شيئا كان عليه كفارة يمين ،
وقد روى عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
كفارة النذر كفارة اليمين . رواه مسلم.
4- نذر ما لا يملك : فإذا نذر الناذر شيئا لا يملكه فليس عليه إلا كفارة يمين وذلك كأن ينذرَ أن يتصدّق بمال فلان أو يُعتق عبد فلان أو يهبَ إلى شخصا بستانا وهو لا يملكه.
ويدلّ على هذا الحكم حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لا نذر لابن آدم فيما لا يملك ولا عتق له فيما لا يملك ولا طلاق له فيما لا يملك .
رواه الترمذي
5- نذر فيه الخيار بين الوفاء أو كفارة اليمين
وهناك نذور مخير الناذر فيها بين أن يفي بما نذر أو أن يكفر عن نذره بكفارة يمين.
ويشمل هذا النوع من النذر:
نذر اللَّجَاج والغضب
وهو كل نذر يخرج مخرج اليمين للحث على فعل
شيء أو المنع منه أو التصديق أو التكذيب غير قاصد صاحبه للنذر ولا للقربة على وجه التحقيق ،
وذلك كأن يقول الرجل في غضب
( إن فعلت كذا فعلي حجة أو صوم شهر ، أو التصدق بألف دينار ) ،
أو يقول : ( إن كلّمت فلانا فعلي عتق هذا العبد ، أو تطليق زوجتي ) ونحو ذلك ، ثم يفعله ، وهو لايريد من وراء ذلك كله سوى التوكيد على أنه لن يفعل هذا الأمر ، ليس غيره ، في حين أن حقيقة مقصوده ، أن لا يفعل الشرط ولا يوقع الجزاء.
ويُخيّر في مثل هذا النذر
بين أن يفي بنذره ، أو يكفر عنه بكفارة اليمين ، باعتباره يمينا من حيث الجوهر.
قال ابن تيمية :
إذا علق النذر على وجه اليمين ، فقال : إن سافرت معكم فعليّ الحج ، أو فمالي صدقة ، أو فعليّ عتق ، فهذا عند الصحابة وجمهور العلماء حلف النذر ، ليس بناذر ، فإذا لم يف بما التزمه ، أجزأه كفارة يمين .
وقال في موضع آخر : " موجب نذر اللجاج والغضب عندنا أحد شيئين على المشهور ، إما التكفير ، وإما فعل المعلّق ، فإذا لم يلتزم الوجوب المعلق ، ثبت وجوب الكفارة.
نذر المباح :
وهو كل نذر يتناول أمرا من أمور المباحات ، كأن ينذر أن يلبس ثوبا بعينه ، أو يأكل طعاما مخصوصا ، أو يركب دابة بذاتها ، أو أن يدخل بيتا محددا ونحو ذلك . عن ثابت بن الضحاك قال : نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلا ببوانة ـ وفي رواية : لأنه وُلِد له ولد ذكر ـ فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني نذرت أن أنحر إبلا ببوانة . فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
" هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد ؟ " قالوا : لا.
قال :" هل كان فيها عيد من أعيادهم ؟ " ، قالوا: لا .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" أوف بنذرك فإنه لاوفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم " رواه أبو داود
وهذا الرجل نذر أن يذبح إبلا ببوانة ( موضع وراء ينبع ) شكرا لله تعالى ، أن وهبه مولودا ذكرا ،فأجاز له النبي صلى الله عليه وسلم أن يفي بنذره
، ويذبح إبله في ذلك الموضع .
وأخيرا
نذر المعاوضة أو المجازاة
نذر المعاوضة- فهو كقول الإنسان: لئن شفى الله مريضي لأفعلن كذا.
أو: لئن حصل كذا لأذبحن كذا. فهذا داخل في الكراهة، وهذا مرفوض. ومن العلماء من قال بتحريمه؛ لأنه لا يخلو من سوء أدب مع الله
تبارك وتعالى، فإنه إن لم يشف الله مريضك فماذا ستفعل؟! لن تتصدق، وإذا لم ينجح إبنك في الامتحان فلن تصوم، فهذا فيه سوء أدب مع الله، ومن أجل ذلك حرمه بعضهم.
والبعض من الفقهاء قال إنه مكروها ووجه الكراهة أنه لما وقف فعل القربة المذكورة على حصول الغرض المذكور ظهر أنه لم يتمحض له نية التقرب إلى الله تبارك وتعالى. فكونه علق هذا النذر أو العبادة كالصيام أو الصلاة والصدقة أوالنسك أو الذبح أو أي شيء من هذا على حصول غرض من الأغراض دل على أنه لم يخلص فيه، ولم يمحض النية ولم يخلصها صافية لمجرد التعبد لأجل الله تبارك وتعالى فحسب، وإنما يريد المجازاة، يعني: إن رزقه الله كذا فسوف يفعل كذا، وإن شفى الله مريضه فسوف يفعل كذا، فهذا هو الذي يحمل عليه ما ورد في النهي عن النذر.
كما جاء النهي عن هذا النوع من النذر لسبب آخر وهو
نفي اعتقاد آخر عند بعض الجهلة ، مفاده أن النذر يردّ القضاء ، أو
أنه يجر لهم في العاجل نفعا ، ويصرف
عنهم ضرا ، فنهى عنه خوفا من جاهل يعتقد ذلك ،
وفي الختام نذكركم بقول الله تعالي في سورة البقرة
((( وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ )))
أية رقم 270 سورة البقرة
نسأل الله التوفيق لما يحبّ ويرضى
وصلى الله على نبينا محمد.
الإثنين 09 فبراير 2015, 12:11 am من طرف عباس الجبوري
» تهنئة جيش رجال الطريقة النقشبندية لجلالة الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود بمناسبة مبايعته ملكا للمملكة العربية السعودية
الخميس 29 يناير 2015, 12:23 am من طرف عباس الجبوري
» عاجل ... المجلة النقشبندية العدد الحادي و التسعين والتي صدرت حديثا
الجمعة 16 يناير 2015, 11:57 pm من طرف عباس الجبوري
» عاجل .. تم اصدار العدد التسعون للمجلة النقشبندية
الأربعاء 07 يناير 2015, 12:28 pm من طرف عباس الجبوري
» بيان جيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد استدعاء بعض الفصائل وشيوخ عشائر إلى واشنطن
الخميس 04 ديسمبر 2014, 6:14 am من طرف عباس الجبوري
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية ونفيه لما ورد في بيان لجبهة جديدة غير معروفة بتأريخ 22\10\2014
الجمعة 24 أكتوبر 2014, 1:43 am من طرف عباس الجبوري
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد جرائم الحكومة الطائفية بحق شعبنا العراقي وأمتنا العربية الإسلامية بتأريخ 24-8-2014
الأربعاء 27 أغسطس 2014, 1:52 am من طرف عباس الجبوري
» بيان رقم (35) انتفاضة أحرار العراق 28 شوال 1435 هـ الموافق 24 آب 2014م
الأربعاء 27 أغسطس 2014, 1:06 am من طرف عباس الجبوري
» بيان صادر من المجلس العسكري لثوار عشائر ألبو بدران بتاريخ 15 اب 2014
الثلاثاء 19 أغسطس 2014, 1:33 am من طرف عباس الجبوري